ما هو الانجيل في فهمي الشخصي

المقدمة
الإنجيل هو موضوع بحثي المتواضع الذي أضعه بين يديك عزيزي القارئ من ضمن طلبات دراستي في مادة اللاهوت النظامي و سوف أناقش بأسلوب مختصر و مركز قدر الإمكان تعريفي الشخصي للإنجيل و أبين أن هدف الإنجيل و أساسه هو يسوع المسيح و عمله ألكفاري على الصليب و قيامته من بين الأموات و الذي تمم بهذا العمل الخلاص و الذي هو الخبر السار لكل من يؤمن بان الرب يسوع المسيح هو ابن الله أو الله المتجسد, و سوف أناقش يشكل مختصر و مركز أيضا من الذي بإمكانه أن يستفيد من عمل المسيح الذي ذكرناه أعلاه و كيف يمكن أن تصل بشارة الإنجيل لكل الناس. أتمنى أن أكون قد وفقت في بحثي لأوضح ماهو الإنجيل.



تعريفي الشخصي للإنجيل:
الإنجيل هو البشارة أو ألأخبار السارة التي جهزها الله لنا منذ بداية الزمان لكي يخلصنا من عقاب الخطية بإرسال يسوع المسيح ابنه الوحيد متجسدا آخذا صورة عبد و صائرا في شبه الناس, لكي يكون هو الحمل الذي يرفع خطايا العالم و كل من يؤمن به ينال الخلاص من الدينونة التي وعد الله أن يدين بها العالم, فهو رسالة محبة عميقة ليس لها مثيل في كل رسائل الحب إذ أنها لم تكن كلمات بل تجسدت كل كلمة منها إلى عمل فعلي ابتدأ يوم سقط ادم و اعد الله له الرداء من جلود الحيوانات و وصل إلى ذروته يوم علق رب المجد على خشبة الصليب لكي يكمل الثمن الذي نستحقه جزاء الخطايا والعصيان و لشدة قوة و عظمة هذه الرسالة المملوءة حبا المتجسدة في شخص المسيح فأن تأثيرها لم يكن فعالا لفترة من الزمان و لكنها لا تزال تؤثر و تخلص و تغير. لان من قام بتنفيذ ما في داخل رسالة الحب ليس بإنسان عادي لكنه الله الذي تواضع و اخذ جسدنا البشري و سفك دمه الطاهر, فالإنجيل هو رسالة المحبة و الغفران لكل إنسان.

أولا: المسيح محور الإنجيل و جوهره:
إن كل من يقرأ الكتاب المقدس بدارسة موضوعية و عميقة سوف يلاحظ أن كل ما كتب في صفحات هذا الكتاب العظيم يهتم بشكل من الأشكال بيسوع المسيح, ففي العهد القديم هناك إشارات عديدة للرب يسوع و لما سيقوم بعمله لفداء البشرية مثل الكبش الذي وجده إبراهيم عندما أطاع الله و قام بمحاولة تقديم ابنه كذبيحة و أيضا نظام الذبائح في عهد موسى...الخ. و الكثير من النقاط الأخرى لا تكفي صفحات البحث المطلوبة لتغطيتها, وبخصوص هذا الأمر يعلق هنري ثيسن قائلا: «إن شريعة موسى و الموعظة على الجبل, و تعليم المسيح, و قدوته لنا, جميعها توضح لنا خطايانا معلنه عن حاجتنا إلى مخلص, لكنها لا تقدم لنا علاجا للخطية, أما هذا العلاج من الخطية فموجود فقط في موت المسيح » , كل ذلك يبين أن الإنسان بحاجة إلى فداء و في العهد الجديد يتبين لنا بوضوح أن يسوع هو النتيجة النهائية لكل إعلانات الله للإنسان. و قد علق برنانر سيسبويه في هذا الموضوع قائلا: «الإنجيل هو المسيح؛ المسيح, كلمة الله, و قد صارت جسدا و تجلت في يسوع الناصري. فالإنجيل هو, أولا, شخص يسوع المبشر في أقواله و حياته بملكوت الله, و الإنجيل هو, أخيرا, المسيح القائم من الموت... فالإنجيل إذا هو كل كلمة في دعوة ترمي إلى بعث الأيمان في ما تبلغناه عن يسوع» . و معنى الكلمة « انجيل» في اللفظ اليوناني أونجليون, يعني الخبر الطيب و أوجز يوحنا في إنجيله هذا الخبر الطيب في (يو3: 16) بأن الله أرسل ابنه الوحيد لخلاص المؤمنين, و عندما نقرأ ما بشر به بولس فنرى النقط الرئيسية التي وضعها للإنجيل هي أن المسيح مات لأجل خطايانا, و انه قام من بين الأموات (اكو 15: 1-4).
ثانيا: من المستفيد رسالة الإنجيل:
كما توضح لنا أن الرب يسوع هو أساس الإنجيل فقد وضح بكلماته المشهورة « لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.» (يوحنا 3: 16), فهذه الكلمات المنقولة من فم الرب يسوع المسيح نفسه تبين انه المستفيد الوحيد من الخلاص المعلن في الإنجيل هو من يؤمن بالابن, فالآن الخلاص مقدم لكل إنسان من الله في المسيح يسوع. «الخلاص ألان مقدم لكل إنسان من الله بالمسيح يسوع... و كل ما هو مطلوب من أي إنسان أن يقبل ما قدمه الله بالمسيح فإن قبل إنسان بالأيمان عطية الحياة يولد ثانية من الروح القدس... و لبساطة ووضوح هذه الخطة فإن الإنسان –حسب ما نرى في الأسفار و الملاحظ عموما- لا يستجيب فورا إلى دعوة الإنجيل» , و لكن الكتاب المقدس يخبرنا أيضا انه ليس كل من يدعى الأيمان هو مؤمن فعلا و مخلص بدم المسيح فهناك مؤمن حقيقي و هناك من يظهر نفسه بمظهر الإيمان و الكتاب المقدس يخبرنا في (متى 7:20) «فَإِذاً مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ», المؤمن الذي قبل عمل الفداء عليه أن يكون مولودا من الروح القدس و أن يكون هناك تغيير في حياته وان يكون له ثمار يمكن تمييزها و رؤيتها من قبل من هم حوله لأنه يذكر في نفس المقطع من انجيل يوحنا « كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. » و هنا يجب على كل من يود الحصول فعلا على خلاص المسيح حان يفحص نفسه و دوافعه و أن يراجع أفكاره و تصرفاته و يكون صريحا مع نفسه و أن كان يجد نفسه بلا ثمر و لم تتغير حياته بعد إعلان إيمانه بالمسيح و قبوله مخلصا شخصيا لحياته, أن يتصرف بجدية بخصوص إيمانه و أن ينكر نفسه و يتبع المسيح فقد قال الرب يسوع في تكملة النص في متى 7: 21 «لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ يَا رَبُّ يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.» أن الرب يسوع يطلب أن يتم العمل بحسب إرادة الله ألآب من خلال حياة الإنسان المؤمن به, و من الأمور المهمة التي نبهنا عليها العهد الجديد هو الكرازة فالمؤمن الذي يعيش بحسب مشيئة الله عليه أن يكون كارزا باسم الرب يسوع المسيح و هذا ليس خيارا إنما هو أمر من الرب و سوف نتطرق إلى هذا الموضوع بصورة مفصلة أكثر في الفقرة القادمة.
ثالثا: طريقة إيصال الإنجيل للعالم:
كما ذكرنا سابقا بأن الإنجيل هو الأخبار السارة, و الرب يسوع في انجيل متى أعطى الوصية التي تصنف بأنها الوصية العظمى «إن خاتمة متى هذه لتدوّي في ذاكرة الكنيسة كمطلب مقتضى لا يسقط. فالإنجيل لا يستطيع أن ينقلب إلى حياة بدون أن يعلن عنه و يوزع. فهو ينفر بطبيعته من العزلة؛ و هو يكون بشرى, أو لا يكون» . فلولا أن المؤمنين في بداية المسيحية بشروا بهذا الإنجيل لكل من هم حولهم لا بل و امتد تبشيرهم إلى مدن و بلدان أخرى لكان انجيل المسيح قد اندثر و لم يعد له وجود. بالنتيجة فان عمل المسيح بدفع عقاب خطايانا قد اكتمل عندما مات على الصليب و صرخ قد أكمل وبعد قيامته من الموت وأعلن بسلطانه الذي يفوق كل سلطان آخر الغلبة على الموت و على كل قوات الظلمة و أعطانا بعمله العجيب هذا بشارة الخلاص و لكنه لم يقل أن هذا الإنجيل سوف يعرف في كل الأرض بطريقة عجيبة و معجزية (مع إيماني بان الرب له طرق في إعلان إنجيله بطريقة خاصة للبعض) لكن بصورة عامة الكتاب المقدس يوضح انه انجيل المسيح لا يمكنه ان يكون مؤثرا في عالمنا هذا إلا من خلال التبشير به و الكرازة بما عمله المسيح اجل خلاصنا.

الخاتمة:
بحثت في هذه الصفحات بقدر استطاعتي على تلخيص موضوع الإنجيل على عدد الصفحات المطلوبة لذلك و أنا اعترف باني لم أعط الموضوع كامل حقه لأنه يحتاج إلى صفحات عديدة لكي تكتمل به الصورة الواضحة للإنجيل, و قد عرّفت الإنجيل بحسب رأيي الشخصي و إيماني و قمت بشرح ما هو محور الإنجيل و أساسه و من خلال ما توصلت إليه هو أن المسيح و تجسده و عمل الخلاص الذي قدمه للبشرية هو ذلك المحور الذي يدور حوله الإنجيل, و عندما علمنا توصلنا إلى تلك النتيجة صار مهما جدا أن نعلم من هم المستفيدين من هذا الإنجيل و كيف يمكنهم الحصول على الخلاص المذكور فيه, و ناقشت ذلك بحسب فكر الإنجيل باختصار و دعمته بآيات كتابية, و من خلال التعريف و باقي الفقرات عرفنا أن الإنجيل هو الخبر السار و الخبر السار يحتاج إلى من ينشره للذين لا يعلمون به و ذلك يحصل من خلال المؤمنين بالمسيح الذين أعطاهم المأمورية العظمى لنشر البشارة إلى كل الأرض و تم دعم هذه الفكرة ببعض الشواهد الكتابية أيضا. اصلي أن يكون تأثير هذا الإنجيل واضحا على حياتنا و ليس مطبوعا في كلمات على ورق فقط كما قال الرب يسوع في انجيل متى 5: 16 « فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.» , و لألهنا كل المجد.

جهاد حسن
مدونة الجهاد الحسن
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
abuiyad